تعويض إسرائيل للأمم المتحدة "فرصة لجولدستون"

بحسب خبراء اعتبروه اعترافا غير مسبوق بارتكاب جرائم في غزة

تعويض إسرائيل للأمم المتحدة "فرصة لجولدستون"

علا عطا الله

قصف إسرائيلي بالفسفور الأبيض على مجمع تابع للأونروا

غزة- أجمع خبراء قانونيون في تصريحات منفصلة لـ"إسلام أون لاين.نت" على أن دفع إسرائيل تعويضات مالية للأمم المتحدة عن تدميرها منشآت للمنظمة الدولية خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، هو بمثابة اعتراف إسرائيلي بجرائمه في غزة؛ مما يفتح الباب أمام تفعيل توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق الأممية، بقيادة القاضي الجنوبي إفريقي ريتشارد جولدستون، الذي اتهم قوات الاحتلال بارتكاب جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية في القطاع المحاصر منذ قرابة الثلاث سنوات.

جاء ذلك تعقيبا على دفع إسرائيل مبلغ 10.5 ملايين دولار للأمم المتحدة مقابل الخسائر التي لحقت بمنشآت المنظمة الدولية خلال الحرب التي دارت ما بين 27-12-2008 و18-1-2009؛ وأسفرت عن استشهاد أكثر من 1400 فلسطيني وجرح أزيد من 5400 آخرين بجروح، نصفهم تقريبا أطفال ونساء، فضلا عن الدمار الواسع في أرجاء القطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ يونيو 2007. ولم تستخدم إسرائيل لفظة تعويضات لوصف هذا المبلغ.طالع أيضا:
حرب غزة..إسرائيل تكتفي بتعويض الأمم المتحدة
جولدستون.. صهيوني يجرم إسرائيل!

ورأى الخبراء أن سابقة دفع إسرائيل تعويضات تفتح العديد من البوابات القانونية لإدانة الاحتلال على ما ارتكبته من جرائم وانتهاكات خـلال الحرب على غزة. وقال نائل طـه، الخبير القانوني الفلسطيني، إن "هذا التعويض يمثل فرصة حقيقية لتنفيذ كافة القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وفي مقدمتها تقرير جولدستون، مشددا على انه "على المنظمة الدولية المطالبة بملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وعدم الاكتفاء بأخذ تعويضات".

اعتراف إسرائيلي

وحـول إذا ما كان التعويض بمثابة "رشوة" للأمم المتحدة كي تتغاضى عن توصيات جولدستون ردّ طه قائلا في حديث لـ"إسلام أون لاين. نت": "حتى لو كان ذلك هو هدف إسرائيل، المهم أن هذه سابقة يجب عدم إغفالها، فالتعويض يمثل نكسة لدولة تعتبر نفسها دوما فوق القانون، والمطلوب الآن من المنظمة أن يكون هذا التعويض أرضية للمطالبة بدفع تعويضات لكافة المتضررين من الحرب الأخيرة ولجميع المنشآت".

وشدد على أن "التعويض يمثل اعترافا من إسرائيل بأن هناك خسائر وانتهاكات ارتكبتها قواتها، وبالتالي نحن أمام نوع من أنواع الإدانة الذاتية يجب استثمارها". وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد صادق في 16-10-2009 على مشروع قرار يتبنى توصيات جولدستون الذي يتهم حماس أيضا، ولو بدرجة أقل من إسرائيل، بارتكاب جرائم حرب من خلال القصف الصاروخي على المدن والبلدات الإسرائيلية خلال الحرب.

وأوصى جولدستون بمطالبة إسرائيل وحماس بإجراء تحقيقات "مستقلة وتتفق مع المعايير الدولية" في احتمال ارتكاب جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية على أيدي قواتها، وتشكيل لجنة من خبراء حقوق الإنسان لمراقبة مثل هذه التحقيقات، وشدد على أنه إذا تقاعس الطرفان عن القيام بذلك؛ فيجب على مجلس الأمن الدولي أن يحيل الملف إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

تحقيق العدالة

في نفس الاتجاه ذهب أيضا القاضي ضياء المدهون، رئيس اللجنة المركزية للتوثيق وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، الذي قال لـ"إسلام أون لاين.نت" إن "التعويض الإسرائيلي هو إقرار واعتراف من الاحتلال بارتكاب جرائم خلال عدوانه الأخير على غزة".

واعتبر المدهون أن "الأمم المتحدة أمام اختبار حقيقي لإثبات جديتها في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، فالمنظمة الدولية اليوم أمام مسئولية جسيمة من خلال تفعيل تقرير جولدستون وإحالته للمحكمة الدولية، فلا يجوز الترحيب فقط بالتعويض عن منشآتها ومقراتها، بل إن عليها تنفيذ القانون الدولي".

وشدد على أن "التعويض خطوة مهمة لتحقيق العدالة، لكن ما جرى في غزة لا يمكن تجزئته، ونتمنى من المنظمة الدولية أن تقوم بإخراج توصيات جولدستون إلى النور".

تفعيل التقرير

بدوره طالب عصام يونس، مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة، الأمم المتحدة باستثمار ما وصفه بـ"السابقة الأولى في تاريخ إسرائيل" (دفع تعويضات)، وأن تسارع المنظمة إلى تنفيذ توصيات جولدستون.

وأضاف يونس في حديث لـ"إسلام أون لاين.نت" أن "الأمم المتحدة الآن تقول إن التعويض ليس كافيا، وأنه يجب أن يشمل كل المتضررين، وهو أمر جيد، ولكن الأكثر أهمية هو أن تبادر المنظمة إلى تفعيل التقرير الأممي، والذي كان نتاج تحقيقاتها الميدانية على الأرض".

وطالب بأن تسارع الأمم المتحدة إلى تحقيق العدالة، وعدم اكتفائها بأن بكون الإنجاز منقوصا قائلا: "ما حدث في غزة يرقى إلى مستوى جرائم الحرب والتعويض وحده لا يكفي، بل يجب معاقبة مرتكبي الجرائم وملاحقتهم في كل المحافل الدولية، وعلى الأمم المتحدة أن تواصل ما بدأته من تحقيقات وألا ترضخ لأية ضغوط سياسية".

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التعويضات الإسرائيلية بأنها غير كافية ولن تصلح المنشآت المهدمة، مشددا على أنه "فيما يتعلق بإعادة البناء لإصلاح الدمار الذي خلفته الحرب في غزة بشكل عام، فإننا نجدد دعوتنا برفع الحصار حتى يتمكن سكان غزة من إعادة بناء بيوتهم واقتصادهم". وجدد مطالبته لـ: "إسرائيل" السماح بإدخال الإسمنت ومواد البناء إلى القطاع في أقرب وقت ممكن؛ لإعادة إعمار ما دمر خلال الحرب الأخيرة".

وكان تحقيق أجرته الأمم المتحدة العام الماضي قدر قيمة الأضرار التي لحقت بمنشآت المنظمة الدولية خلال الحرب على غزة، وبينها مدارس ومؤسسات أخرى تديرها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بأكثر قليلا من 11 مليون دولار